ويحتمل قولاً سادساً: أنه ما بقي لهم في الدنيا من الثناء، وما صار فيها لأولادهم من الشرف. وقال داود بن إبراهيم: نزلت هذه الآية في أبي جندل بن سهل، وقال الكلبي: نزلت في بلال وعمار وصهيب وخباب بن الأرتّ عذبهم أهل مكة حتى قالوا لهم ما أرادوا في الدنيا، فلما خلوهم هاجروا إلى المدينة. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا دفع إلى المهاجرين العطاء قال: هذا ما وعدكم الله في الدنيا، وما خولكم في الآخرة أكثر، ثم تلا عليهم هذه الآية:
﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون﴾ قوله عز وجل: ﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم﴾ هذا خطابٌ لمشركي قريش. ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنت لا تعلمون﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن أهل الذكر العلماء بأخبار من سلف من القرون الخالية الذين يعلمون أن الله تعالى ما بعث رسولاً إلا من رجال الأمة، وما بعث إليهم ملكاً. الثاني: أنه عنى بأهل الذكر أهل الكتاب خاصة، قاله ابن عباس ومجاهد. الثالث: أنهم أهل القرآن، قاله ابن زيد. قوله تعالى: ﴿... وأنزلنا إليك الذِّكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم﴾ تأويلان: