الثاني: فإذا كنت قارئاً فاستعذ بالله. الثالث: أنه من المؤخر الذي معناه مقدم، وتقديره: فإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم فاقرأ القرآن. والاستعاذة هي استدفاع الأذى بالأعلى من وجه الخضوع والتذلل والمعنى فاستعذ بالله من وسوسة الشيطان عند قراءتك لتسلم في التلاوة من الزلل، وفي التأويل من الخطأ. وقد ذكرنا في صدر الكتاب معنى الرجيم. قوله عز وجل: ﴿إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: ليس له قدرة على أن يحملهم على ذنب لا يغفر، قاله سفيان. الثاني: ليس له حجة على ما يدعوهم إليه من المعاصي، قاله مجاهد. الثالث: ليس له عليهم سلطان لاستعاذتهم باللَّه منه، لقوله تعالى ﴿وإمّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم﴾ [فصلت: ٣٦]. الرابع: أنه ليس له عليهم سلطان بحال لأن الله تعالى صرف سلطانه عنهم حين قال عدو الله إبليس ﴿ولأغوينهم أجميعن إلا عبادَك منهم المخلصين﴾ [الحجر: ٣٩ - ٤٠] فقال الله تعالى ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين﴾ [الحجر: ٤٢] وفي معنى السلطان وجهان: أحدهما: الحجة، ومنه سمي الوالي سلطاناً لأنه حجة الله تعالى في الأرض. الثاني: أنها القدرة، مأخوذ من السُّلْطَة، وكذلك سمي السلطان سلطاناً لقدرته. ﴿إنما سلطانه على الذين يتولونه﴾ يعني يتبعونه. ﴿والذين هُمْ به مشركون﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: والذين هم بالله مشركون، قاله مجاهد. الثاني: والذين أشركوا الشيطان في أعمالهم، قاله الربيع بن أنس. الثالث: والذين هم لأجل الشيطان وطاعته مشركون، قاله ابن قتيبة.
{وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما


الصفحة التالية
Icon