من السبح في التعظيم وهو الجري فيه إلى أبعد الغايات. وذكر أبان بن ثعلبة أنها كلمة بالنبطية (شبهانك). وقد ذكر الكلبي ومقاتل: إن ﴿سبحان﴾ في هذا الموضع بمعنى عجب، وتقدير الآية: عجب من الذي أسرى بعبده ليلاً، وقد وافق على هذا التأويل سيبويه وقطرب، وجعل البيت شاهداً عليه، وأن معناه عجبٌ من علقمة الفاخر. ووجه هذا التأويل أنه إذا كان مشاهدة العجب سبباً للتسبيح صار التسبيح تعجباً فقيل عجب، ومثله قول بشار:
(تلقي بتسبيحةٍ مِنْ حيثما انصرفت | وتستفزُّ حشا الرائي بإرعاد) |
وقد جاء التسبيح في الكلام على أربعة أوجه: أحدها: أن يستعمل في موضع الصلاة، من ذلك قوله تعالى:
﴿فلولا أنه كان من المسبِّحينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] أي من المصلين. الثاني: أن يستعمل في الاستثناء، كما قال بعضهم في قوله تعالى:
﴿ألم أقل لكم لولا تسبحون﴾ [القلم: ٢٨] أي لولا تستثنون. الثالث: النور، للخبر المروي عن رسول الله ﷺ أنه قال (لأحرقت سبحات وجهه) أي نور وجهه. الرابع: التنزيه، روي عن النبي ﷺ أنه سئل عن التسبيح فقال: (تنزيه الله تعالى عن السوء). وقوله تعالى:
﴿أسرى بعبده﴾ أي بنبيه محمد ﷺ، والسُّرى: سير الليل، قال الشاعر:
(وليلة ذا ندًى سَرَيت | ولم يلتني مِنْ سُراها ليت) |
وقوله
﴿من المسجد الحرام﴾ فيه قولان: