الثاني: أنه انطياخوس الرومي ملك أرض نينوى، وهو قول مقاتل، وقيل إنه قتل منهم مائة ألف وثمانين ألفاً، وحرق التوراة وأخرب بيت المقدس، ولم يزل على خرابه حتى بناه المسلمون. ﴿وليدخلوا المسجد كما دَخلوه أوّل مرّة﴾ يعني بيت المقدس. ﴿وليتبروا ما علوا تتبيراً﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أنه الهلاك والدمار. الثاني: أنه الهدم والإخراب، قاله قطرب، ومنه قول لبيد:
(وما النَّاسُ إلا عَامِلان فَعَامِلٌ
يُتَبِّرُ مَا يَبْنِي وَآخَرُ رَافِعٌ)
قوله عز وجل: ﴿عسى ربُّكم أن يرحمكم﴾ يعني مما حل بكم من الانتقام منكم. ﴿وإن عدتم عدنا﴾ فيه تأويلان: أحدهما: إن عدتم إلى الإساءة عدنا إلى الانتقام، فعادوا. قال ابن عباس وقتادة: فبعث الله عليهم المؤمنين يذلونهم بالجزية والمحاربة إلى يوم القيامة. الثاني: إن عدتم إلى الطاعة عدنا إلى القبول، قاله بعض الصالحين. ﴿وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً﴾ فيه تأويلان: أحدهما: يعني فراشاً ومهاداً، قاله الحسن: مأخوذ من الحصير المفترش. الثاني: حبساً يحبسون فيه، قاله قتادة، مأخوذ من الحصر وهو الحبس. والعرب تسمي الملك حصيراً لأنه بالحجاب محصور، قال لبيد:
(ومقامَةِ غُلْبِ الرِّقَابِ كَأَنَّهُمْ
جِنٌّ لَدَى بَابِ الحَصِير قِيَامُ)
﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما﴾ قوله عز وجل: ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾ فيها تأويلان:
الصفحة التالية