﴿وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا﴾ قوله عز وجل: ﴿وكل إنسان ألزمنا طائره في عنقه﴾ فيه قولان: أحدهما: ألزمناه عمله من خير أو شر مثل ما كانت العرب تقوله سوانح الطير وبوارحه، والسانح: الطائر يمر ذات اليمين وهو فأل خير، والبارح: الطائر يمر ذات الشمال وهو فأل شر، وأضيف إلى العنق. الثاني: أن طائره حظه ونصيبه، من قول العرب: طار سهم فلان إذا خرج سهمه ونصيبه منه، قاله أبو عبيدة. ﴿ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً﴾ يعني كتاب طائره الذي في عنقه من خير أو شر. ويحتمل نشر كتابه الذي يلقاه وجهين: أحدهما: تعجيلاً للبشرى بالحسنة، والتوبيخ بالسيئة. الثاني: إظهار عمله من خير أو شر. ﴿اقرأ كتابك﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: لما في قراءته من زيادة التقريع والتوبيخ. والثاني: ليكون إقراره بقراءته على نفسه. ﴿كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً﴾ فيه قولان: أحدهما: يعني شاهداً. والثاني: يعني حاكماً بعملك من خير أو شر. ولقد أنصفك من جعلك حسيباً على نفسك بعملك.


الصفحة التالية
Icon