﴿ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها﴾ قوله عز وجل: ﴿ولا تمش في الأرض مَرَحاً﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: أن المرح شدة الفرح بالباطل. الثاني: أنه الخيلاء في المشي، قاله قتادة. الثالث: أنه البطر والأشر. الرابع: أنه تجاوز الإنسان قدره. الخامس: التكبر في المشي. ﴿إنّك لن تخرِقَ الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً﴾ فيه وجهان: أحدهما: إنك لن تخرق الأرض من تحت قدمك ولن تبلغ الجبال طولاً بتطاولك زجراً له عن تجاوزه الذي لا يدرك به غرضاً. الثاني: أنه مثل ضربه الله تعالى له، ومعناه كما أنك لن تخرق الأرض في مشيك، ولن تبلغ الجبال طولاً فإنك لا تبلغ ما أردت بكبرك وعجبك، إياساً له من بلوغ إرادته.
﴿ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا﴾ قوله عز وجل: ﴿ولقد صرفنا في هذا القرآن﴾ فيه وجهان: أحدهما: كررنا في هذا القرآن من المواعظ والأمثال. الثاني: غايرنا بين المواعظ باختلاف أنواعها. ﴿ليذكروا﴾ فيه وجهان: أحدهما: ليذكروا الأدلة.
الصفحة التالية