الثاني: أن هذا في جماعة من قريش منهم الوليد بن المغيرة كانوا يتناجون بما ينفّرون به الناس عن اتباعه صلى الله عليه وسلم. قال قتادة: وكانت نجواهم أنه مجنون، وأنه ساحر، وأنه يأتي بأساطير الأولين. ﴿إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجُلاً مسحوراً﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه سحر فاختلط عليه أمره، يقولون ذلك تنفيراً عنه. الثاني: أن معنى مسحور مخدوع، قاله مجاهد. الثالث: معناه أن له سحراً، أي رئة، يأكل ويشرب فهو مثلكم وليس بملك، قاله أبو عبيدة، ومنه قول لبيد:
(فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا
عَصَافِيرُ مِنْ هذَا الأَنَامِ الْمُسَحَّرِ)
﴿وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا﴾ قوله عز وجل: ﴿وقالوا أئِذا كُنّا عظاماً ورفاتاً﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أن الرفات التراب، قاله الكلبي والفراء. الثاني: أنه ما أرفت من العظام مثل الفتات، قاله أبو عبيدة، قال الراجز:
٨٩ (صُمَّ الصَّفَا رَفَتَ عَنْهَا أَصْلُهُ} ٩
قوله عز وجل: ﴿قل كونوا حجارةً أو حديداً﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه إن عجبتم من إنشاء الله تعالى لكم عظاماً ولحماً فكونوا أنتم حجارة أو حديداً إن قدرتم، قاله أبو جعفر الطبري.
الصفحة التالية