الثاني: أنه يسحبون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم كمن يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه. ﴿عُمْياً وبكماً وصماً﴾ فه وجهان: أحدهما: أنهم حشروا في النار عُمي الأبصار بُكم الألسن صُمّ الأسماع ليكون ذلك يزادة في عذابهم، ثم أبصروا لقوله تعالى ﴿ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها﴾ [الكهف: ٥٣] وتكلموا لقوله تعالى ﴿دَعوا هنالك ثبوراً﴾ [الفرقان: ١٣] وسمعوا، لقوله تعالى ﴿سمعوا لها تغيظاً وزفيراً﴾ [الفرقان: ١٢]. وقال مقاتل بن سليمان: بل إذا قال لهم ﴿اخسئوا فيها ولا تكلمُون﴾ [المؤمنون: ١٨] صاروا عمياً لا يبصرون، صُمّاً لا يسمعون، بكماً لا يفقهون. الثاني: أن حواسهم على ما كانت عليه، ومعناه عمي عما يسرّهم، بكم عن التكلم بما ينفعهم، صم عما يمتعهم، قاله ابن عباس والحسن. ﴿مأواهم جهنم﴾ يعني مستقرهم جهنم. ﴿كلما خبت زدناهم سعيراً﴾ فيه وجهان: أحدهما: كلما طفئت أوقدت، قاله مجاهد. الثاني: كلما سكن التهابها زدناهم سعيراً والتهاباً، قاله الضحاك، قال الشاعر:

(وكُنّا كَالحَرِيقِ أَصَابَ غَاباً فَيَخْبُو سَاعَةً ويَهُبُّ سَاعا)
وسكون التهابها من غير نقصان في الآمهم ولا تخفيف من عذابهم.
{ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على


الصفحة التالية
Icon