والفرق بين العوج بالكسر والعوج بالفتح أن العوج بكسر العين ما كان في الدين وفي الطريق وفيما ليس بقائم منتصب، والعوج بفتح العين ما كان في القناة والخشبة وفيما كان قائماً منتصباً. ﴿قيِّماً﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه المستقيم المعتدل، وهذ قول ابن عباس والضحاك. الثاني: أنه قيم على سائر كتب الله تعالى يصدقها وينفي الباطل عنها. الثالث: أنه المعتمد عليه والمرجوع إليه كقيم الدار الذي يرجع إليه في أمرها، وفيه تقديم وتأخير في قول الجميع وتقديره: أنزل الكتاب على عبده قيماً ولم يجعل له عوجاً ولكن جعله قيماً. ﴿لينذر بأساً شديداً من لدنه﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أنه عذاب الاستئصال في الدنيا. الثاني: أنه عذاب جهنم في الآخرة.
﴿فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا﴾ قوله عز وجل: ﴿فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم﴾ فيه وجهان: أحدهما: قاتل نفسك، ومنه قول ذي الرُّمَّةِ:
(ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه | بشيء نحتَهُ عن يديك المقادِرُ) |