أحدهما: أنه حكاية عن الله تعالى أنه أعلم بمدة لبثهم. الثاني: أنه قول كبيرهم مكسلمينا حين رأى الفتية مختلفين فيه فقال ﴿ربكم أعلم بما لبثتم﴾ فنطق بالصواب ورد الأمر إلى الله عالمه، وهذا قول ابن عباس. ﴿فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة﴾ قرىء بكسر الراء وبتسكينها، وهو في القراءتين جميعاً الدراهم، وأما الورَق بفتح الراء فهي الإبل والغنم، قال الشاعر:
(إياك أدعو فتقبل مَلَقي
كَفِّرْ خطاياي وثمِّرْ ورقي)
يعني إبله وغنمه. ﴿فلينظر أيها أزكي طعاماً﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أيها أكثر طعاماً، وهذا قول عكرمة. الثاني: أيها أحل طعاماً، وهذا قول قتادة. الثالث: أطيب طعاماً، قاله الكلبي. الرابع: أرخص طعاماً. ﴿فليأتكم برزق مِنْه﴾ فيه وجهان: أحدهما: بما ترزقون أكله. الثاني: بما يحل لكم أكله. ﴿وليتلطف... ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: وليسترخص. الثاني: وليتلطف في إخفاء أمركم. وهذا يدل على جواز اشتراك الجماعة في طعامهم وإن كان بعضهم أكثر أكلاً وهي المناهدة، وكانت مستقبحة في الجاهلية
الصفحة التالية