في الآخرة، وصرف هذا الكافر ماله فيما استبقاه للدنيا والمكاثرة. ﴿وهو يحاوره﴾ أي يناظره، وفيما يحاوره فيه وجهان: أحدهما: في الإيمان والكفر. الثاني: في طلب الدنيا وطلب الآخرة، فجرى بينهما ما قصة الله تعالى من قولهما.
﴿قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكن هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا﴾ قوله تعالى: ﴿فعسى ربّي أن يؤتين خيراً مِنْ جنتك﴾ فيه وجهان: أحدهما: خيراً من جنتك في الدنيا فأساويك فيها. الثاني: وهو الأشهر خيراً من جنتك في الآخرة، فأكون أفضل منك فيها. ﴿ويرسل عليها حُسْباناً من السماء﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: يعني عذاباً، قاله ابن عباس وقتادة. الثاني: ناراً. الثالث: جراداً. الرابع: عذاب حساب بما كسبت يداك، قاله الزجاج، لأنه جزاء الآخرة. والجزاء من الله تعالى بحساب. الخامس: أنه المرامي الكثيرة، قاله الأخفش وأصله الحساب وفي السهام التي يرمى بها في طلق واحد، وكان من رَمي الأساورة. ﴿فتصبح صعيداً زلقاً﴾ يعني أرضاً بيضاء لا ينبت فيها نبات ولا يثبت عليها قدم، وهي أضر أرض بعد أن كانت جنة أنفع أرض. ﴿أو يصبح ماؤها غوراً﴾ يعني ويصبح ماؤها غوراً، فأقام أو مقام الواو، و ﴿غوراً﴾ يعني غائراً ذاهباً فتكون أعدم أرض للماء بعد أن كان فيها.


الصفحة التالية
Icon