الثاني: أنه من الملائكة، ومن قالوا بهذا اختلفوا في معنى قوله تعالى ﴿كان من الجن﴾ على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما قاله قتادة أنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجن. الثاني: ما قاله ابن عباس، أنه كان من الملائكة من خزان الجنة ومدبر أمر السماء الدنيا فلذلك قيل من الجن لخزانة الجنة، كما يقال مكي وبصري. الثالث: أن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم، وخلق سائر الملائكة من نور، قاله سعيد من جبير، قاله الحسن: خلق إبليس من نار وإلى النار يعود. الثالث: أن إبليس لم يكن من الإنس ولا من الجن، ولكن كان من الجان، وقد مضى من ذكره واشتقاق اسمه ما أغنى. ﴿ففسق عن أمر ربه... ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن الفسق الاتساع ومعناه اتسع في محارم الله تعالى: الثاني: أن الفسق الخروج أي خرج من طاعة ربه، من قولهم فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من حجرها قال رؤبة بن العجاج:
(يهوين من نجدٍ وغورٍ غائرا | فواسقاً عن قصدها جوائرا) |