وفي هؤلاء المضلين قولان: أحدهما: إبليس وذريته. الثاني: كل مضل من الخلائق كلهم. قال بعض السلف: إذا كان ذنب المرء من قبل الشهوة فارْجُه، وإذا كان من قبل الكبر فلا ترْجه، لأن إبليس كان ذنبه من قبل الكبر فلم تقبل توبته، وكان ذنب آدم من قبل الشهوة فتاب الله عليه. وقد أشار بعض الشعراء إلى هذا المعنى فقال:


﴿ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا﴾ قوله عز وجل: ﴿... وجعلنا بينهم موبقاً﴾ فيه ستة أقاويل: أحدها: مجلساً، قاله الربيع. الثاني: مهلكاً، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك، قال الشاعر:
(إذا ما الفتى طاح في غيّه فَرَجِّ الفتى للتُّقى رَجّه)
(فقد يغلط الركب نهج الط ريق ثم يعود إلى نهجه)
(استغفر الله أعمالي التي سلفت من عثرةٍ إن تؤاخذني بها أبق)
أي أهلك، ومثله قول زهير:
(ومن يشتري حسن الثناء بماله يصن عرضَه من كل شنعاء موبق)
قال الفراء: جعل تواصلهم في الدنيا مهلكاً في الآخرة. الثالث: موعداً، قاله أبو عبيدة. الرابع: عداوة، قاله الحسن. الخامس: أنه واد في جهنم، قاله أنس بن مالك.


الصفحة التالية
Icon