وقرأ بن الزبير، والحسن: ﴿فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ﴾ وهي قراءة الباقين يعني حارة. فصار قولاً ثالثاً: وليس بممتنع أن يكون ذلك صفة للعين أن تكون حمئة سوداء حامية، وقد نقل مأثوراً في شعر تُبَّع وقد وصف ذا القرنين بما يوافق هذا فقال:

(قد كان ذو القرنين قبلي مسلماً.. ملكاً تدين له الملوك وتسجد)
(بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمرٍ من حكيم مرشد)
(فرأى مغيب الشمس عند غروبها في عين ذي خُلُبٍ وثاطٍ حرمد)
الخُلُب: الطين. والثأط: الحمأة. والحرمد: الأسود. ثم فيها وجهان: أحدهما: أنها تغرب في نفس العين. الثاني: أنه وجدها تغرب وراء العين حتى كأنها تغيب في نفس العين. ﴿وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه خيره في عقابهم أو العفو عنهم. الثاني: إما أن تعذب بالقتل لمقامهم على الشرك وإما أن تتخذ فيهم حُسناً بأن تمسكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتستنقذهم من العَمَى، فحكى مقاتل أنه لم يؤمن منهم إلا رجل واحد.
﴿ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا﴾


الصفحة التالية
Icon