الثاني: وهو أظهر أنه سلام بر وإكرام، فقابل جفوة أبيه بالبر تأدية لحق الأبوة وشكراً لسالف التربية. ثم قال: ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ وفيه وجهان: أحدهما: سأستغفر لك إن تركت عبادة الأوثان. الثاني: معناه سأدعوه لك بالهداية التي تقتضي الغفران. ﴿إنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: مُقَرِّباً. الثاني: مُكْرِماً. الثالث: رحيماً، قاله مقاتل. الرابع: عليماً، قاله الكلبي. الخامس: متعهداً.
﴿فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا﴾ قوله تعالى: ﴿... وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً﴾ فيه وجهان: أحدهما: جعلنا لهم ذكراً جميلاً وثناءً حسناً، قاله ابن عباس، وذلك أن جمع الملك بحسن الثناء عليه. الثاني: جعلناهم رسلاً لله كراماً على الله، ويكون اللسان بمعنى الرسالة: قال الشاعر:
(أتتني لسان بني عامر | أحاديثهما بعد قول ونكر.) |
﴿واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا﴾