قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى} قوله تعالى: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أعطى كل شيء زوجه من جنسه، ثم هداه لنكاحه، قاله ابن عباس والسدي. الثاني: أعطى كل شيء صورته، ثم هداه إلى معيشته ومطعمه ومشربه، قاله مجاهد قال الشاعر:
(وله في كل شيء خلقهُ | وكذلك الله ما شاء فعل) |
يعني بالخلقة الصورة. الثالث: أعطى كلاً ما يصلحه، ثم هداه له، قاله قتادة. ويحتمل رابعاً: أعطى كل شيءٍ ما ألهمه من علم أو صناعة وهداه إلى معرفته. قوله تعالى:
﴿فَمَا بَالُ الْقُرونِ الأَُولَى﴾ وهي جمع قرن، والقرن أهل كل عصر مأخوذ من قرانهم فيه. وقال الزجاج: القرن أهل كل عصر وفيه نبي أو طبقة عالية في العلم، فجعله من اقتران أهل العصر بأهل العلم، فإذا كان زمان فيه فترة وغلبة جهل لم يكن قرناً. واختلف في سؤال فرعون عن القرون على أربعة أوجه: أحدها: أنه سأله عنها فيما دعاه إليه من الإيمان، هل كانوا على مثل ما يدعو إليه أو بخلافه. الثاني: أنه قال ذلك له قطعاً للاستدعاء ودفعاً عن الجواب.