أحدها: أن النجوى التي أسروها أن قالوا: إن كان هذا سحراً فسنغلبه، وإن كان السماء فله أمره، قاله قتادة. الثاني: أنه لما قال لهم ﴿وَيْلَكُمْ﴾ الآية. قالوا: ما هذا بقول ساحر، قاله ابن منبه. الثالث: أنه أسروا النجوى دون موسى وهارون بقولهم، ﴿إنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ... ﴾ الآيات، قاله مقاتل والسدي. الرابع: أنهم أسرواْ النجوى. إن غَلَبَنَا موسى اتبعناه، قاله الكلبي. قوله تعالى: ﴿قَالُواْ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ هذه قراءة أبي عمرو وهي موافقة للإِعراب مخالفة للمصحف. وقرأ الأكثرون: إن هذان الساحران، فوافقوا المصحف فيها، ثم اختلفوا في تشديد إنّ فخففها ابن كثير وحفص فسلما بتخفيف إن من مخالفة المصحف ومن فساد الإِعراب، ويكون معناها: ما هذان إلا ساحران. وقرأ أُبَيّ: إن ذان إلا ساحران، وقرأ باقي القراء بالتشديد: إنَّ هذان لساحران. فوافقوا المصحف وخالفوا ظاهر الإِعراب. واختلف من قرأ بذلك في إعرابه على أربعة أقاويل: أحدها: أن هذا على لغة بلحارث بن كعب وكنانة بن زيد يجعلون رفع الإِثنين ونصبه وخفضه بالألف، وينشدون:
(فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى... مساغاً لِناباهُ الشجاع لصمّما)
والوجه الثاني: لا يجوز أن يحمل القرآن على ما اعتل من اللغات ويعدل به عن أفصحها وأصحها، ولكن في (إن) هاء مضمرة تقديرها إنّه هذان لساحران، وهو قول متقدمي النحويين. الثالث: أنه بَنَى (هذان) على بناء لا يتغير في الإِعراب كما بَنَى الذين على هذه الصيغة في النصب والرفع. الرابع: أن (إن) المشددة في هذا الموضع بمعنى نعم، كما قال رجل لابن الزبير: لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال ابن الزبير: إنّ وصاحبها. وقال عبد الله بن قيس الرقيات:
(بكى العواذل في الصبا... ح يلمنني وألومُهُنّة)
(ويقلن شيب قد علا... ك وقد كبرت فقلت إنْه)
أي نعم ﴿وَيَذْهَبَا بِطَرِيقتِكُمْ الْمُثْلَى﴾ في قائل هذه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه قول السحرة. الثاني: أنه قول قوم فرعون. الثالث: قول فرعون من بين قومه، وإن أشير به إلى جماعتهم. وفي تأويله خمسة أوجه: أحدها: ويذهبا بأهل العقل والشرف. قاله مجاهد. الثاني: ببني إسرائيل، وكانوا أولي عدد ويسار، قاله قتادة.