قوله عز وجل: ﴿فإن لم تأتوني به فلا كيْل لكم عندي﴾ يعني فيما بعد لأنه قد وفاهم كيلهم في هذه الحال. ﴿ولا تقربون﴾ أي لا أنزلكم عندي منزلة القريب. ولم يُرد أن يبعدوا منه ولا يعودوا إليه لأنه على العود حثهم. قال السدي: وطلب منهم رهينة حتى يرجعوا، فارتهن شمعون عنده. قال الكلبي: إنما اختار شمعون منهم لأنه يوم الجُبّ كان أجملهم قولاً وأحسنهم رأياً. قوله عز وجل: ﴿قالوا سَنُرَاوِدُ عنه أباه﴾ والمراودة الاجتهاد في الطلب، مأخوذ من الإرادة. ﴿وَإِنَّا لَفَاعِلُون﴾ فيه وجهان: أحدهما: وإنا لفاعلون مراودة أبيه وطلبه منه. الثاني: وإنا لفاعلون للعود إليه بأخيهم، قاله ابن إسحاق. فإن قيل: كيف استجاز يوسف إدخال الحزن على أبيه بطلب أخيه؟ قيل عن هذا أربعة أجوبة: أحدها: يجوز أن يكون الله عز وجل أمره بذلك ابتلاء ليعقوب ليُعظم له الثواب فاتّبع أمره فيه. الثاني: يجوز أن يكون أراد بذلك أن ينبه يعقوب على حال يوسف. الثالث: لتضاعف المسرة ليعقوب برجوع ولديه عليه. والرابع: ليقدم سرور أخيه بالاجتماع معه قبل إخوته لميله إليه. قوله عز وجل: ﴿وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم﴾ قرأ حمزة والكسائي وحفص ﴿لفتيانه﴾ وفيهم قولان: أحدهما: أنهم غلمانه، قاله قتادة. الثاني: أنهم الذين كالوا لهم الطعام، قاله السدي.