الثاني: أن المنادي الذي كال حين فقد السقاية ظن أنهم سرقوها ولم يعلم بما فعله يوسف، فلم يكن عاصياً. الثالث: أن النداء كان بأمر يوسف، وعنى بذلك سرقتهم ليوسف من أبيه، وذلك صدق. الرابع: أنها كانت خطيئة من قبل يوسف فعاقبه الله عليها بأن قال القوم ﴿إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل﴾ يعنون يوسف. وذهب بعض من يقول بغوامض المعاني إلى أن معنى قوله ﴿إنكم لسارقون﴾ أي لعاقون لأبيكم في أمر أخيكم حيث أخذتموه منه وخنتموه فيه. قوله عز وجل: ﴿قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون﴾ لأنهم استنكروا ما قذفوا به مع ثقتهم بأنفسهم فاستفهموا استفهام المبهوت. ﴿قالوا نفقد صواع الملك﴾ والصواع واحد وحكى غالب الليثي عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ صوغ الملك بالغين معجمة، مأخوذ من الصياغة لأنه مصوغ من فضة أو ذهب وقيل من نحاس. ﴿ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم﴾ وهذه جعالة بذلت للواجد. وفي حمل البعير وجهان: أحدهما: حمل جمل، وهو قول الجمهور. الثاني: حمل حمار، وهو لغة، قاله مجاهد. واختلف في هذا البذل على قولين: أحدهما: أن المنادي بذله عن نفسه لأنه قال ﴿وأنا به زعيم﴾ أي كفيل ضامن. فإن قيل: فكيف ضمن حمل بعير وهو مجهول، وضمان المجهول لا يصح؟ قيل عنه جوابان: أحدهما: أن حمل البعير قد كان عندهم معلوماً كالسوق فصح ضمانه.


الصفحة التالية
Icon