والثاني: ومن يهن الله بالشقوة فما له من مكرم بالسعادة. ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءَ﴾ من شقوة، وهذا قول الفراء وعلي بن عيسى. ويحتمل عندي وجهاً ثالثاً: ومن يهن الله بالإِنتقام فما له من مكرم بالإنعام، إن الله يفعل ما يشاء من إنعام وانتقام.
﴿هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق﴾ قوله عز وجل: ﴿هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ﴾ والخصمان ها هنا فريقان، وفيهما أربعة أقاويل: أحدها: أنهما المسلمون والمشركون حين اقتتلوا في بدر، وهذا قول أبي ذر، وقال محمد بن سيرين: نزلت في الثلاثة الذين بارزوا يوم بدر ثلاثة من المشركين فقتلوهم. والثاني: أنهم أهل الكتاب قالوا: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم. ونحن خير منكم، فقال المسلمون كتابنا يقضي على كتابكم، ونبينا خاتم الأنبياء. ونحن أولى بالله منكم، وهذا قول قتادة. والثالث: أنهم أهل الإِيمان والشرك في اختلافهم في البعث والجزاء، وهذا قول مجاهد، والحسن، وعطاء. والرابع: هما الجنة والنار اختصمتا، فقالت النار: خلقني الله لنقمته، وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته، وهذا قول عكرمة.