﴿فَالَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعْتَ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ﴾ معناه أن النار قد أحاطت بها كإحاطة الثياب المقطوعة إذا لبسوها عليهم، فصارت من هذا الوجه ثياباً، لأنها بالإِحاطة كالثياب. ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ﴾ ها هنا هو الماء الحار، قال الشاعر:

(كأن الحميم على متنها إذا اغترفته بأطساسها)
(جُمان يحل على وجنةٍ علته حدائد دوّاسها)
وضم الحميم إلى النار وإن كانت أشد منه لأنه ينضج لحومهم، والنار بانفرادها تحرقها، فيختلف به العذاب فيتنوع، فيكون أبلغ في النكال. وقيل إنها نزلت في ثلاثة من المسلمين قتلوا ثلاثة من المشركين يوم بدر حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن ربيعة، وعليّ بن أبي طالب قتل الوليد بن عتبة، وعبيدة بن الحارث قتل شيبة بن ربيعة. قوله تعالى: ﴿يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: يحرق به وهو قول يحيى بن سلام. والثاني: يقطع به، وهو قول الحسن. والثالث: ينضج به، وهو قول الكلبي ومنه قول العجاج:
٨٩ (شك السفافيد الشواء المصطهرْ} ٩
والرابع: يذاب به، وهو قول مجاهد، مأخوذ من قولهم: صهرت الألية إذا أذبتها، ومنه قول ابن أحمر:
(تروي لقى ألقى في صفصفٍ تصهره الشمس فما ينْصهِر)
﴿وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ والمقامع: جمع مقمعة، والمقمعة ما يضرب به الرأس لا يعي فينكب أو ينحط.


الصفحة التالية
Icon