القرآن حسبوه مسيلمة، فأنكروا ما دعوا إليه من السجود له. والثالث: أن هذا قول قوم كانواْ يجحدون التوحيد ولا يقرون بالله تعالى، فلما أمروا أن يسجدوا للرحمن ازدادوا نفوراً مع هواهم بما دعوا إليه من الإيمان، وإلا فالعرب المعترفون بالله الذين يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى كانوا يعرفون الرحمن في أسمائه وأنه اسم مسمى من الرحمة يدل على المبالغة في الوصف، وهذا قول ابن بحر.
﴿تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا﴾ قوله عز وجل: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجاً﴾ فيها أربعة أوجه: أحدها: أنها النجوم العظام، وهو قول أبي صالح. الثاني: أنها قصور في السماء فيها الحرس، وهو قول عطية العوفي. الثالث: أنها مواضع الكواكب. والرابع: أنها منازل الشمس، وقرىء بُرجاً، قرأ بذلك قتادة، وتأوله النجم. ﴿وَقَمَراً مُّنِيراً﴾ يعني مضيئاً، ولذا جعل الشمس سراجاً والقمر منيراً، لأنه لما اقترن بضياء الشمس وهَّج حرّها جعلها لأجل الحرارة سراجاً، ولما كان ذلك في القمر معدوماً جعله نوراً. ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَار خِلْفَةً﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه جعل ما فات من عمل أحدهما خلفة يقضي في الآخر، قاله عمر ابن الخطاب والحسن. الثاني: أنه جعل كل واحد منهما مخالفاً لصاحبه فجعل أحدهما أبيض والآخر أسود، قاله مجاهد. الثالث: أن كل واحد منهما يخلف صاحبه إذا مضى هذا جاء هذا، قاله ابن زيد ومنه قول زهير:


الصفحة التالية
Icon