فتأخر عنها، ثم لم تزل تطمعه ويطمع فيها إلى أن وضع أمْرها على أنها مأمورة ولا يدري ما أمرها، إلى أن: ﴿نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾. وفي ﴿بُورِكَ﴾ ثلاثة أوجه: أحدها: يعني قُدِّس، قاله ابن عباس. الثاني: تبارك، حكاه النقاش. الثالث: البركة في النار، حكاه ابن شجرة، وأنشد لعبد الله بن الزبير:
(فبورك في بنيك وفي بنيهم | إذا ذكروا ونحن لك الفداء) |
وفي النار وجهان: أحدهما: أنها نار فيها نور. الثاني: أنها نور ليس فيها نار، وهو قول الجمهور. وفي
﴿بُورِكَ مَن فِي النَّارِ﴾ خمسة أقاويل: أحدها: بوركت النار، و
﴿مَن﴾ زيادة، وهي في مصحف أُبي:
﴿بُورِكَتِ النَّارُ وَمَن حَوْلَهَا﴾ قاله مجاهد. الثاني: بورك النور الذي في النار، قاله ابن عيسى. الثالث: بورك الله الذي في النور، قاله عكرمة، وابن جبير. الرابع: أنهم الملائكة، قاله السدي. الخامس: الشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق. وفي قوله:
﴿وَمَن حَوْلَهَا﴾ وجهان: أحدهما: الملائكة، قاله ابن عباس. الثاني: موسى، قالها أبو صخر.
﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن موسى قال حين فرغ من سماع النداء من قوله الله:
﴿سبْحَانِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ استعانة بالله وتنزيهاً له، قاله السدي. الثاني: أن هذا من قول الله ومعناه: وبورك فيمن يسبح الله رب العالمين، حكاه ابن شجرة. ويكون هذا من جملة الكلام الذي نودي به موسى. وفي ذلك الكلام قولان: