وفي سبب شكره قولان: أحدهما: أن علم منطق الطيرحتى فهم قولها. الثاني: أن حملت الريح قولها إليه حتى سمعه قبل وصوله لجنوده على ثلاثة أميال فأمكنه الكف. ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ﴾ فيه وجهان: أحدهما: شكر ما أنعم به عليه، قاله الضحاك. الثاني: حفظ ما استرعاه، وهو محتمل. ﴿وَأدْخَلْنِي فِي رَحْمَتِكَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: بالنبوة التي شرفتني بها. الثاني: بالمعونة التي أنعمت عليّ بها. ﴿فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: في جملة أنبيائك. الثاني: في الجنة التي هي دار أوليائك.
﴿وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين﴾ قوله: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَال لِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ﴾ قيل إن سليمان كان إذا سافر أظله الطير من الشمس، فأخل الهدهد بكانه، فبان بطلوع الشمس منه بعده عنه، وكان دليله على الماء، وقيل: إن الأرض كانت كالزجاج للهدهد، يرى ما تحتها فيدل على مواضع الماء حتى يحضر، قال ابن عباس: فكانوا إذا سافروا نقر لهم الهدهد عن أقرب الماء في الأرض، فقال نافع بن الأزرق: فكيف يعلم أقرب الماء إلى الأرض ولا يعلم بالفخ حتى يأخذه بعنقه؟ فقال ابن عباس: ويحك يا نافع ألم تعلم أنه إذا جاء القدر ذهب الحذر؟ فقال سليمان عن زوال الهدهد عن مكانه ﴿مَا لِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبينَ﴾ أي انتقل عن مكانه أم غاب.