قوله عز وجل: ﴿حُنَفَآءَ لِلَّهِ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: يعني مسلمين لله، وهو قول الضحاك، قال ذو الرمة:

(إذا حول الظل العشي رأيته حنيفاً وفي قرن الضحى يتنصر)
والثاني: مخلصين لله، وهو قول يحيى بن سلام. والثالث: مستقيمين لله، وهو قول عليّ بن عيسى. والرابع: حجاجاً إلى الله، وهو قول قطرب. ﴿غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: غير مرائين بعبادته أحداً من خلقه. والثاني: غير مشركين في تلبية الحج به أحداً لأنهم كانواْ يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، قاله الكلبي.
﴿ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق﴾ قوله عز وجل: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: فروض الله. والثاني: معالم دينه، ومنه قول الكميت:
(نقتلهم جيلاً فجيلاً نراهم شعائر قربان بهم يتقرب)
وفيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها مناسك الحج، وتعظيمها إشعارها، وهو مأثور عن جماعة. والثاني: أنها البُدن المشعرة، وتعظيمها استسمانها واستحسانها، وهو قول مجاهد. والثالث: أنها دين الله كله، وتعظيمها التزامها، وهو قول الحسن. ﴿فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ قال الكلبي والسدي: من إخلاص القلوب. ويحتمل عندي وجهاً آخر أنه قصد الثواب.


الصفحة التالية
Icon