﴿وَلاَ تَخافِي﴾ فيه وجهان: أحدهما: لا تخافي عليه الغرق، قاله ابن زيد. الثاني: لا تخافي عليه الضيعة، قاله يحيى بن سلامة. ﴿وَلاَ تَحْزَنِي﴾ فيه وجهان: أحدهما: لا تحزني على فراقه، قاله ابن زيد. الثاني: لا تحزني أن يقتل، قال يحيى بن سلام. فقيل: إنها جعلته في تابوت طوله خمسة أشبار وعرضه خمسة أشبار وجعلت المفتاح مع التابوت وطرحته في البحر بعد أن أرضعته أربعة أشهر وقال آخرون ثمانية أشهر في حكاية الكلبي. وحكي أنه لما فرغ النجار من صنعه التابوت أتى إلى فرعون يخبره فبعث معه من يأخذه فطمس الله على عينه وقلبه فلم يعرف الطريق فأيقن أنه المولود الذي تخوف فرعون منه فآمن من ذلك الوقت وهو مؤمن آل فرعون. قال ابن عباس: فلما توارى عنها ندَّمها الشيطان وقالت في نفسها لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب أليّ من إلقائه بيدي إلى دواب البحر وحيتانه، فقال الله: ﴿إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ... ﴾ الآية، حكى الأصمعي قال: سمعت جارية أعرابية تنشد:

(استغفر الله لذنبي كله قبلت إنساناً بغير حلّه)
(مثل الغزال ناعماً في دَله فانتصف الليل ولم أُصله)
فقلت: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أوَيعد هذا فصاحة مع قوله تعالى ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ... ﴾ الآية، فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين. قوله ﴿فَالتْقَطَهُءَآلُ فِرْعَوْنَ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه التقطه جواري امرأته حين خرجن لاستسقاء الماء فوجدن تابوته فحملنه إليها، قاله ابن عباس. الثاني: أن امرأة فرعون خرجت إلى البحر وكانت برصاء فوجدت تابوته فأخذته فبرئت من برصها فقالت: هذا الصبي مبارك، قاله عبد الرحمن بن زيد. ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدوّاً وََحَزَناً﴾ أي ليكون لهم عَدُوّاً وحزناً في عاقبة أمره ولم يكن


الصفحة التالية
Icon