إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين} قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ﴾ روى قتادة عن أنس أن النبي ﷺ قال: (أَوَّلُ نَبِيٍ أُرْسِلَ نُوْحٌ) قال قتادة: وبعث من الجزيرة. ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: أن هذا مبلغ عمره كله. قال قتادة: لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنة ودعاهم ثلاثمائة سنة ولبث بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة. فإن قيل فلم قال ﴿أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً﴾ ولم يقل تسعمائة وخمسين عاماً فعنه جوابان: أحدهما: أن المقصود به تكثير العدد فكان ذكر الألف أفخم في اللفظ وأكثر في العدد. الثاني: ما روي أنه أعطي من العمر ألف سنة فوهب من عمره خمسين سنة لبعض ولده فلما حضرته الوفاة راجع في استكمال الألف فذكر الله ذلك تنبيهاً على أن النقيصة كانت من جهته، فهذا قول. والقول الثاني: أنه بعث لأربعين سنة من عمره ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً وعاش بعد الطوفان ستين عاماً فكان مبلغ عمره ألف سنة وخمسين سنة، قاله ابن عباس. الثالث: أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وعاش بعد ذلك سبعين سنة فكان مبلغ عمره ألف سنة وعشرين سنة، قاله كعب الأحبار. والقول الرابع: أنه بعث وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة ولبث في قومه داعياً ألف سنة إلا خمسين عاماً وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين عاماً فكان مبلغ عمره ألف سنة وستمائة وخمسين سنة. قاله عون بن أبي شداد. ﴿فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الطوفان المطر، قاله ابن عباس وابن جبير وقتادة والسدي. الثاني: أن الطوفان الغرق، قاله الضحاك. الثالث: أنه الموت، روته عائشة عن النبي ﷺ ومنه قول الشاعر:
٨٩ (أفناهم طوفان موت جارفٍ} ٩
وقيل إن الطوفان كلُّ عامّ من الأذى. وحكى إسماعيل بن عبد الله أن الطوفان كان في نيسان.
{وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين أو لم يروا كيف


الصفحة التالية
Icon