﴿وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون﴾ قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ فيه قولان: أحدهما: معناه ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن﴾ قبل القرآن كتاباً من كتب الله المنزلة ولا تخطه أي تكتبه بيمينك فتعلم ما أنزل الله فيه حتى يشكوا في إخبارك عنه إنه من وحي الله سبحانه إليك وهو معنى قول يحيى بن سلام. الثاني: أنه كان أهل الكتاب يجدونه في كتبهم أن محمداً لا يخط بيمينه ولا يقرأ كتاباً فنزل ذلك فيهم ليدلهم على صحة نبوته، وهو معنى قول مجاهد. ﴿إِذَاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ فيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم مشركو قريش، قاله مجاهد. الثاني: مشركو العرب أن يقولوا لو كان يقرأ قد تعلمه من غيره، قاله قتادة. الثالث: أنهم المكذبون من اليهود، قاله السدي. قوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه النبي ﷺ في كونه أمياً لا يكتب ولا يقرأ ﴿ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ﴾ من أهل الكتاب لأنه منعوت في كتبهم بهذه الصفة، قاله الضحاك. الثاني: أنه القرآن ﴿ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ﴾ وهم النبي ﷺ والمؤمنون به، قاله الحسن. قال الحسن: أعطيت هذه الأمة الحفظ وكان من قبلها لا يقرأُون كتابهم إلا نظراً فإذا طبقوه لم يحفظوا ما فيه إلا النبيين. وقال كعب في صفة هذه الأمة: إنهم حلماء علماء كأنهم في الفقه أنبياء.


الصفحة التالية
Icon