أحدهما: يَشْكَونَ. الثاني: يذمّون.
﴿فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون﴾ قوله: ﴿فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ فيه قولان: أحدهما: أن الموتى الكفار الذين يموتون على الكفر وهم الصم الذين تولوا عن الهدى فلم يسمعوه، قاله يحيى بن سلام. الثاني: أن هذا مثل ضربه الله للكافرين كما أن الميت إذا خوطب لم يسمع والأصم إذا دعي لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع الوعظ لأن الكفر قد أماته والضلال قد أصمه. قوله: ﴿وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْ مُدْبِرِينَ﴾ فالأصم لا يسمع الدعاء مقبلاً ولا مدبراً ولكن إذا دعي مقبلاً فقد يفهم الإشارة وإن لم يسمع الصوت، فإذا دعي مدبراً فهو لا يفهم الإشارة ولا يسمع الصوت فلذلك صارت حاله مدبراً أسوأ، فذكره بأسوأ أحواله. وقيل إنها نزلت في بني عبد الدار.
﴿الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير﴾ قوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ﴾ قال قتادة: من نطفة. ﴿ثُمَّ جَعَلَ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾ قاله مجاهد: شباباً. ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً﴾ يعني هرماً وشيبة، قال قتادة: لأن بياض الشعر نذير بالفناء، قال الشاعر:

(أُريت الشيب من نذر المنايا لصاحبه وحسبك من نذير)
﴿يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ من قوة وضعف. ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ﴾ بتدبيره ﴿الْقَدِيرُ﴾ على إرادته.


الصفحة التالية
Icon