﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ﴾ أي ذريته ﴿مِن سُلاَلَةٍ﴾ لاِنسِلاَلِهِ من صلبه ﴿مِن مَّآءٍ مَّهِينٍ﴾ قال مجاهد ضعيف. قوله تعالى: ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ﴾ فيه وجهان: أحدهما: سوى خلقه في الرحم. الثاني: سوى خلقه كيف يشاء. ﴿وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: من قدرته، قاله أبو روق. الثاني: من ذريته، قاله قتادة. الثالث: من أمره أن يكون فكان، قاله الضحاك. الرابع: روحاً من روحه أي من خلقه وأضافه إلى نفسه لأنه من فعله وعبر عنه بالنفخ لأن الروح من جنس الريح. ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ﴾ يعني القلوب وسمى القلب فؤاداً لأنه ينبوع الحرارة الغريزية مأخوذ من المفتأد وهو موضع النار، وخصص الأسماع والأبصار والأفئدة بالذكر لأنها موضع الأفكار والاعتبار.
﴿وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾ قوله: ﴿وَقَالُواْ أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: هلكنا، قاله مجاهد. الثاني: صرنا فيه رفاتاً وتراباً، قاله قتادة والعرب تقول لكل شيء غلب عليه غيره حتى خفي فيه أثره قد ضل، قال الأخطل:

(كنت القذى في موج أكدر مزبد تقذف الأتيُّ به فَضَلَّ ضلالاً.)
الثالث: غُيِّبنا في الأرض، قاله قطرب وأنشد النابغة:
(فآب مُضلُّوه بعين جلية وغودر بالجولان حزمٌ ونائل)
وقرأ الحسن: صللنا، بصاد غير معجمة وفيه على قراءته وجهان: أحدهما: أي أنتنت لحومنا من قولهم صل اللحم إذا أنتن، قاله الحسن.


الصفحة التالية
Icon