الثاني: أنهم الملائكة، رواه السدي عن عكرمة، وهذا التأويل معلول لأن الملائكة لا يعصون الله فيعذبون. وسموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار ومنه قول زيد بن عمرو:
(عزلت الجن والجنان عني
كذلك يفعل الجلد الصبور)
قوله: ﴿فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ فيه وجهان: أحدهما: فذوقوا عذابي بما تركتم أمري، قال الضحاك. الثاني: فذوقوا العذاب بما تركتم الإيمان بالبعث في هذا اليوم، قاله يحيى بن سلام. ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ فيه وجهان: أحدهما: إنا تركناكم من الخير، قاله السدي. الثاني: إنا تركناكم في العذاب، قاله مجاهد. ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ﴾ وهو الدائم الذي لا انقطاع له. ﴿بِمَ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ يعني في الدنيا من المعاصي، وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس وإن لم يكن مطعوماً لإحساسها به كإحساسها بذوق الطعام، قال ابن أبي ربيعة:
(فذُقْ هجرها إن كنت تزعم أنه
رشاد ألا يا رب ما كذب الزعم)
{إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم
الصفحة التالية