الحناجر وهي الحلاقيم واحدها حنجرة. وقيل إنه مثل مضروب في شدة الخوف ببلوغ القلوب الحناجر وإن لم تزل عن أماكنها مع بقاء الحياة. وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال يوم الخندق: يا رسول الله ﷺ هل تأمر بشيء تقوله فقد بلغت القلوب الحناجر فقال: (نعم قُولُواْ: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتَنَا وَآمِنْ رَوْعَتَنَا) قال: فضرب الله وجوه أعدائه بالريح فهزموا بها. ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ فيه وجهان: أحدهما: فيما وعدوا به من نصر، قاله السدي. الثاني: أنه اختلاف ظنونهم فظن المنافقون أن محمداً وأصحابه يُستأصلون وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله ورسوله حق وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون، قاله الحسن.
﴿هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا﴾ قوله تعالى: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: بالحصر، حكاه النقاش. الثاني: بالجوع فقد أصابهم بالخندق جوع شديد، قاله الضحاك. الثالث: امتحنوا في الصبر على إيمانهم وتميز المؤمنون عن المنافقين، حكاه ابن شجرة. وحكى ابن عيسى أن ﴿هُنالِكَ﴾ للبعد من المكان، وهناك للوسط وهنا للقريب. ﴿وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: حركوا بالخوف تحريكاً شديداً، قاله يحيى بن سلام. الثاني: أنه اضطرابهم عما كانوا عليه فمنهم من اضطرب في نفسه ومنهم من اضطرب في دينه.


الصفحة التالية
Icon