الثاني: خالية ليس فيها إلا العورة من النساء، قاله الكلبي والفراء، مأخوذ من قولهم قد اعور الفارس إذا كان فيه موضع خلل للضرب قال الشاعر:
٨٩ (له الشدة الأولى إذا القرن أعورا} ٩
الثالث: مكشوفة الحيطان نخاف عليها السراق والطلب، قاله السدي والعرب تقول قد أعور منزلك إذا ذهب ستره وسقط جداره وكل ما كره انكشافه فهو عندهم عورة، وقرأ ابن عباس: إن بيوتنا عَوِرة، بكسر الواو، أي ممكنة العورة. ثم قال: ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾ تكذيباً لهم فيما ذكروه. ﴿إِن يُريدُونَ إِلاَّ فِرَاراً﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: فراراً من القتل. الثاني: من الدِّين. وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في قبيلتين من الأنصار من بني حارثة وبني سلمة، همّوا أن يتركوا مراكزهم يوم الخندق وفيهم أنزل الله ﴿إذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنكُمْ أن تَفْشَلاَ﴾ [آل عمران: ١٢٢] الآية. فلما نزلت هذه الآية قالوا: والله ما سرّنا ما كنا هممنا به إن كان الله ولينا.
﴿ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا﴾ قوله تعالى: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا﴾ أي لو دخل على المنافقين من أقطار المدينة ونواحيها. ﴿ثُمَّ سُئِلُواْ الْفِتْنَةَ لأَتَوهَا﴾ فيه وجهان: أحدهما: ما تلبثوا عن الإجابة إلى الفتنة إلا يسيراً، قاله ابن عيسى. الثاني: ما تلبثوا بالمدينة إلا يسيراً حتى يعدموا، قاله السدي. قوله: ﴿وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ﴾ الآية، فيه ثلاثة أوجه:


الصفحة التالية
Icon