تسع سوى الحميرية، خمس من قريش: عائشة وحفصة وأم حبيبة بنت أبي سفيان وأم سلمة بنت أبي أمية وسودة بنت زمعة، هؤلاء خمس من قريش، وكان تحته صفية بنت حيي بن أخطب الحميرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية. فلما اخترنه والصبر معه على ما يلاقيه من شدة ورخاء عوضهن الله تعالى على صبرهن بأمرهن بأمرين: أحدهما: بأن يجعلهن أمهات المؤمنين فقال تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أَمَّهَاتُكُمْ﴾ تعظيماً لحقوقهن وتأكيداً لحرمتهن. الثاني: أن حظر عليهن طلاقهن والاستبدال بهن فقال ﴿لاَ يَحِلُّ لك النِّسَاءُ مِن بَعد... ﴾ الآية. فكان تحريم طلاقهن مستداماً. وأما تحريم التزويج عليهن فقد كان ذلك لما كان النبي ﷺ في شدته وقلة مكنته. ثم اختلف الناس بعد سعة الدنيا عليه هل أحل الله له النساء على قولين: أحدهما: أنه كان تحريمه عليهن باقياً لأن الله تعالى جعله جزاء لصبرهن. الثاني: أن الله تعالى أحل له النساء أن يتزوج عليهن عند اتساع الدنيا عليه، لأن علة التحريم الضيق والشدة، فإذا زالت زال موجبها. قالت عائشة رضي الله عنها ما مات رسول الله ﷺ حتى أحلّ له النساء، يعني اللاتي حظرن عليه، وقيل إن الناسخ لتحريمهن قوله عز وجل: ﴿يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ الآية. فأما غير رسول الله ﷺ فلا يلزمهم تخيير نسائهم فإن خيروهن فقد اختلف الفقهاء في حكمهن على ثلاثة مذاهب. أحدها: إن اخترن الزوج فلا فرقة، وإن اخترن أنفسهن كانت تطليقة رجعية. وهذا قول الزهري وعائشة والشافعي. الثاني: إن اخترن الزوج فهي تطليقة وله الرجعة، وإن اخترن أنفسهن فهي تطليقة بائن والزوج كأحد الخطاب، وهذا قول عليّ رضي الله عنه. الثالث: إن اخترن الزوج فهي تطليقة والزوج كأحد الخطاب، وإن اخترن أنفسهن فهي ثلاث ولا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره، وهذا قول زيد بن ثابت.