الثاني: أنها عرضت على أهل السموات وأهل الأرض وأهل الجبال من الملائكة قاله الحسن. ﴿فَأَبَينَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأشْفَقْنَ مِنْهَا﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أَبَينَ أن يحملنها عجزاً وأشفقن منها خوفاً. الثاني: أبين أن يحملنها حذراً وأَشْفَقْنَ منها تقصيراً. ﴿وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ﴾ فيه قولان: أحدهما: جميع الناس، قاله ثعلب. الثاني: أنه آدم ثم انتقلت منه إلى ولده، قاله الحسن. روي عن معمر عن الحسن أن الأمانة لما عرضت على السموات والأرض والجبال قالت: وما فيها؟ قيل لها: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت فقالت: لا. قال مجاهد: فلما خلق الله آدم عرضها عليه قال: وما هي؟ قال: ﴿إن أَحْسَنْتَ آجَرْتُكَ وَإنْ أَسَأْتَ عَذَّبْتُكَ﴾ قال تحملتها يا رب. قال مجاهد: فما كان بين أن تحملها إلى أن خرج من الجنة إلا قدر ما بين الظهر والعصر. ﴿إنَّهُ كَنَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ظلوماً لنفسه، جهولاً بربه، قاله الحسن. الثاني: ظلوماً في خطيئته، جهولاً فيما حَمَّلَ ولده من بعده، قاله الضحاك. الثالث: ظلوماً لحقها، قاله قتادة. جهولاً بعاقبة أمره، قاله ابن جريج. قوله: ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه يعذبهم بالشرك والنفاق وهو معنى قول مقاتل. الثاني: بخيانتهما الأمانة. قال الحسن: هما اللذان ظلماها، واللذان خاناها: المنافق، والمشرك. ﴿وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ أي يتجاوز عنه بأداء الأمانة والوفاء بالميثاق. ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ لمن تاب من شِرْكه ﴿رَحِيماً﴾ بالهداية إلى طاعته والله أعلم.