الثالث: ارجعي إذا رجع، قال الشاعر:
(يومان يوم مقاماتٍ وأنديةٍ | ويوم سير إلى الأعداء تأويب.) |
أي رجوع بعد رجوع.
﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ قال قتادة كان يعمل به كما يعمل بالطين لا يدخله النار ولا يضربه بمطرقة. ويحتمل وجهاً آخر أنه سهل له الحديد أن يعمل منه ما شاء وإن كان على جوهره وطبعه من قولهم قد لان لك فلان إذا تسهل عليك. قوله عز وجل:
﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ أي درعاً تامة، ومنه إسباغ النعمة إتمامها، قال الشاعر:
(وأكثرهم دروعاً سابغات | وأمضاهم إذا طعنوا سنانا) |
﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ فيه قولان: أحدهما: عدِّل المسامير في الحلقة لا تصغر المسمار وتعظم الحلقة فيسلس، ولا تعظم المسمار وتصغر الحلقة فتنفصم الحلقة، قاله مجاهد. الثاني: لا تجعل حلقه واسعة فلا تقي صاحبها، قال قتادة: وكان داود أول من عملها، وكان قبل ذلك صفائح. وفي
﴿السَّرْدِ﴾ قولان: أحدهما: أنه النقب الذي في حلق الدرع، قاله ابن عباس، قال لبيد:
(وما نسجت أسراد داود وابنه | مضاعفة من نسجه إذ يقاتل) |
الثاني: أنه المسامير التي في حلق الدرع، قاله قتادة، مأخوذ من قولهم: سرد الكلام يسرده إذا تابع بينه، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: في الأشهر الحرم ثلاثة سردٌ وواحد فرد. وقال الهذلي:
(وعليهما مسرودتان قضاهما | داود أو صنع السوابغ تبّع) |
وحكى ضمرة بن شوذب أن داود عليه السلام كان يرفع كل يوم درعاً فيبيعها