قوله عز وجل: ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ يعني الجنة، وفيها وجهان: أحدهما: لن تفسد، قاله يحيى بن سلام. الثاني: لن تكسد، قاله علي بن عيسى والأول أشبه لقول الشاعر:

(يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذا أنا بور)
قوله عز وجل: ﴿لِيُوَفِّيهُمْ أُجُورَهُمْ﴾ يعني ثواب أعمالهم. ﴿وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: يفسح لهم في قبورهم، قاله الضحاك. الثاني: يشفعهم فيمن أحسن إليهم في الدنيا، قاله أبو وائل. الثالث: يضاعف لهم حسناتهم، وهو مأثور. الرابع: غفر الكثير والشكر اليسير، قاله بعض المتأخرين. ويحتمل خامساً: يوفيهم أجورهم على فعل الطاعات ويزيدهم من فضله على اجتناب المعاصي ﴿إنَّهُ غَفُورٌ﴾ للذنب. ﴿شَكُورٌ﴾ للطاعة. ووصفه بأنه شكور مجاز ومعناه أن يقابل بالإحسان مقابلة الشكور لأنه يقابل على اليسير بأضعافه.
﴿والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير﴾ ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِن عِبَادِنَا﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن الكتاب هو القرآن، ومعنى الإرث انتقال الحكم إليهم. الثاني: أن إرث الكتاب هو الإيمان بالكتب السالفة لأن حقيقة الإرث انتقال الشيء من قوم إلى قوم.


الصفحة التالية
Icon