والثاني: أنها عند القضاء بين الخلق. ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا﴾ يعني زلزلة الساعة. ﴿تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ وفيه أربعة أوجه: أحدها: تسلو كل مرضعة عن ولدها، قاله الأخفش. والثاني: تشتغل عنه، قاله قطرب، ومنه قول عبد الله بن رواحة:

(ضرباً يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله)
والثالث: تلهو عنه، قاله الكلبي، ومنه قول امرىء القيس:
(أذاهِلٌ أنت عن سَلْماك لا برحت أم لست ناسيها ما حنّت النيبُ)
والرابع: تنساه، قاله اليزيدي، قال الشاعر:
(تطاولت الأيام حتى نسيتها كأنك عن يوم القيامة ذاهل)
﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾ قال الحسن: تذهل الأم عن ولدها لغير فطام، وتلقي الحامل ما في بطنها لغير تمام. ﴿وَتَرَى النَّاس سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى﴾ قال ابن جريج: هم سكارى من الخوف، وما هم بسكارى من الشراب.
﴿ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير﴾ قوله عز وجل: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فيه قولان: أحدهما: أن يخاصم في الدين بالهوى، قاله سهل بن عبد الله. والثاني: أن يرد النص بالقياس، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث.
{يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة


الصفحة التالية
Icon