والثالث: رجوع القهقرى. ومنه قول الشاعر: زعموا أنهم على سبل الحق وأنا نكص على الأعقاب. وهو أي النكوص، موسع هنا ومعناه ترك القبول. ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ﴾ أي بحرمة الله، ألا يظهر عليهم فيه أحد، وهو قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة. ويحتمل وجهاً آخر: مستكبرين بمحمد أن يطيعوه، وبالقرآن أن يقبلوه. ﴿سَامِراً تَهْجُرونَ﴾ سامر فاعل من السمر. وفي السمر قولان: أحدهما: أنه الحديث ليلاً، قاله الكلبي، وقيل به: سمراً تهجرون. والثاني: أنه ظل القمر، حكاه ابن عيسى، والعرب تقول حلف بالسمر والقمر أي بالظلمة والضياء، لأنهم يسمرون في ظلمة الليل وضوء القمر، والعرب تقول أيضاً: لا أكلمه السمر والقمر، أي الليل والنهار، وقال الزجاج ومن السمر أخذت سمرة اللون. وفي ﴿تَهْجُرُونَ﴾ وجهان: أحدهما: تهجرون الحق بالإِعراض عنه، قاله ابن عباس. والثاني: تهجرون في القول بالقبيح من الكلام، قاله ابن جبير، ومجاهد. وقرأ نافع ﴿تُهْجِرُونَ﴾ بضم التاء وكسر الجيم وهو من هجر القول. وفي مخرج هذا الكلام قولان: أحدهما: إنكار تسامرهم بالإِزراء على الحق مع ظهوره لهم. الثاني: إنكاراً منهم حتى تسامروا في ليلهم والخوف أحق بهم.
{أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن


الصفحة التالية
Icon