أي تبعثون. فإن قيل: فلم أضاف الفطرة إلى نفسه والبعث إليهم وهو معترف أن الله فطرهم جميعاً ويبعثهم إليه جميعاً؟ قيل: لأنه خلق الله تعالى له نعمة عليه توجب الشكر، والبعث في القيامة وعيد يقتضي الزجر، فكان إضافة النعمة، إلى نفسه إضافة شكر، وإضافة الزجر إلى الكافر أبلغ أثراً. قال قتادة: بلغني أنهم لما قال لهم: وما لي لا أعبد الذي فطرني وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه وهو يقول: يا رب اهدِ قومي، أحسبه قال: فإنهم لا يعلمون. قوله عز وجل: ﴿إِنِّيءَامَنتُ بِرَبِّكُم فَاسْمَعُونِ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه خاطب الرسل بذلك أنه يؤمن بالله ربهم ﴿فَاسْمَعُونِ﴾ أي فاشهدوا لي، قاله ابن مسعود. الثاني: أنه خاطب قومه بذلك، ومعناه إني آمنت بربكم الذي كفرتم به فاسمعوا قولي، قاله وهب بن منبه.
﴿قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين﴾ قوله عز وجل: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه أمر بدخول الجنة. الثاني: أنه أخبر بأنه قد استحق دخول الجنة لأن دخولها يستحق بعد البعث. ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ في هذا التمني منه قولان: أحدهما: أنه تمنى أن يعلموا حاله ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته. الثاني: أنه تمنى ذلك ليؤمنوا مثل إيمانه فيصيروا إلى مثل حاله. قال ابن عباس: نصح قومه حياً وميتاً. ويحتمل قوله: ﴿وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكرَمِينَ﴾ وجهين: أحدهما: ممن أكرمه بقبول عمله. الثاني: ممن أحله دار كرامته.