قوله عز وجل: ﴿فوقاه الله سيئات ما مكروا﴾ فيه قولان: أحدهما: أن موسى وقاه الله سيئات ما مكروا، فعلى هذا فيه قولان: أحدهما: أن مؤمن آل فرعون نجاه الله مع موسى حتى عبر البحر واغرق الله فرعون، قاله قتادة، وقيل إن آل فرعون هو فرعون وحده ومنه قول أراكة الثقفي:

(لا تبك ميتاً بعد موت أحبةٍ عليّ وعباس وآل أبي بكر)
يريد أبا بكر. الثاني: أن مؤمن آل فرعون خرج من عنده هارباً إلى جبل يصلي فيه، فأرسل في طلبه، فجاء الرسل وهو في صلاته وقد ذبت عنه السباع والوحوش أن يصلوا إليه، فعادوا إلى فرعون فأخبروه فقتلهم فهو معنى قوله ﴿فوقاه الله سيئات ما مكروا﴾. ﴿وحاق بآل فرعون سوء العذاب﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنهم قومه، وسوء العذاب هو الغرق، قاله الضحاك. الثاني: رسله الذين قتلهم، وسوء العذاب هو القتل. قوله عز وجل: ﴿النار يعرضون عليها غُدُوّاً وعشيّاً﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه يعرض عليهم مقاعدهم من النار غدوة وعشية، فيقال: لآلِ فرعون هذه منازلكم، توبيخاً، قاله قتادة. الثاني: أن أرواحهم في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح فذلك عرضها، قاله ابن مسعود. الثالث: أنهم يعذبون بالنار في قبرهم غدواً وعشياً، وهذا لآل فرعون خصوصاً. قال مجاهد: ما كانت الدنيا. ﴿ويوم تقولم الساعةُ﴾ وقيامها وجود صفتها على استقامة، ومنه قيام السوق وهو حضور أهلها على استقامة في وقت العادة. ﴿أدخلوا آل فرعون أشد العذاب﴾ لأن عذاب جهنم مُخْتَلِف. وجعل الفراء في الكلام تقديماً وتأخيراً وتقديره: ادخلوا آل فرعون أشد العذاب النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، وهو خلاف ما ذهب إليه غيره من انتظام الكلام على سياقه.


الصفحة التالية
Icon