وفي قوله: ﴿عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ﴾ ثلاثة أوجه: أحدها: عن ذكر الله، قاله قتادة. الثاني: عما بيّنه الله من حلال وحرام وأمر ونهي، وهو معنى قول ابن عباس. الثالث: عن القرآن لأنه كلام الرحمن، قاله الكلبي. ﴿نُقِيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً﴾ فيه وجهان: أحدهما: نلقيه شيطاناً. الثاني: نعوضه شيطاناً، مأخوذ من المقايضة وهي المعاوضة. ﴿فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه شيطان يقيض له في الدنيا يمنعه من الحلال ويبعثه على الحرام، وينهاه عن الطاعة ويأمره بالمعصية، وهو معنى قول ابن عباس. الثاني: هو أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصير بهما الله إلى النار، قاله سعيد بن جبير. قوله عز وجل: ﴿حَتَّى إِذَا جَآءَنا﴾ قرأ على التوحيد أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص، يعني ابن آدم، وقرأ الباقون ﴿جَاءَانَا﴾ على التثنية يعني ابن آدم وقرينه. ﴿قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَعُدَْ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ هذا قول ابن آدم لقرينه وفي المشرقين قولان: أحدهما: أنه المشرق والمغرب فغلب أحدهما على الآخر كما قيل: سنة العمرين، كقول الشاعر:
(أخذنا بآفاق السماء عليكم | لنا قمراها والنجوم الطوالع) |