الثاني: أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه ويستحسنه، فإذا استحسن شيئاً وهو به اتخذه إلهاً، قاله عكرمة، قاله سعيد بن جبير: كان أحدهم يعبد الحجر. فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر. الثالث: أفرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده تعجباً لذوي العقول من هذا الجهل. ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: وجده ضالاً، حكاه ابن بحر. الثاني: معناه ضل عن الله. ومنه قول الشاعر:

(هبوني امرأً منكم اضلَّ بعيره له ذمة إن الذمام كثير)
أي ضل عنه بعيره. وفي قوله: ﴿عَلَى عِلْمٍ﴾ وجهان: أحدهما: على علم منه أنه ضال، قاله مقاتل. الثاني: قاله ابن عباس أي في سابق علمه أنه سيضل. ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ﴾ أي طبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ وطبع على قلبه حتى لا يفقه الهدى. ﴿وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غَشَاوَةً﴾ حتى لا يبصرالرشد. ثم في هذا الكلام وجهان: أحدهما: أنه خارج مخرج الخبر عن أحوالهم. الثاني: أنه خارج مخرج الدعاء بذلك عليهم. وحكى ابن جريج أنها نزلت في الحارث بن قيس من الغياطلة، وحكى الضحاك أنها نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف.
{وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا


الصفحة التالية
Icon