أن نبي الله ﷺ بعث الوليد ابن عقبة مصدقاً لبني المصطلق، فلما أبصروه أقبلوا نحوه، فهابهم فرجع إلى النبي ﷺ، فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام، فبعث نبي الله ﷺ خالد بن الوليد وأمره أن يثبت ولا يعجل، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلاً فبعث عيونه، فلما جاءوا أخبروا خالداً أنهم متمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا، أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه، فعادوا إلى نبي الله ﷺ فأخبروه، فنزلت هذه الآية. فكان النبي ﷺ يقول: (التأني من الله والعجلة من الشيطان). وفي هذه الآية دليل على أن خبر الواحد مقبول إذا كان عدلاً. قوله عز وجل: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأمْرِ لَعَنِتَّمُ﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: لأثمتم، قاله مقاتل. الثاني: لاتهمتم، قاله الكلبي. الثالث: لغويتم. الرابع: لهلكتم. الخامس: لنالتكم شدة ومشقة. قال قتادة: هؤلاء أصحاب النبي ﷺ لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا، فأنتم والله أسخف رأياً وأطيش عقولا. ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: حسنه عندكم، قاله ابن زيد. الثاني: قاله الحسن. بما وصف من الثواب عليه. ﴿وَزَيَّنَةُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ فيه وجهان: أحدهما: بما وعد عليه في الدنيا من النصر وفي الآخرة من الثواب، قاله ابن بحر. الثاني: بالدلالات على صحته. ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه الكذب خاصة، قاله ابن زيد. الثاني: كل ما خرج عن الطاعة.


الصفحة التالية
Icon