الثاني: أن يكون الحق هو الموت، سمي حقاً، إما لاسحقاقه، وإما لانتقاله إلى دار الحق. فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير. وتقديره: وجاءت سكرة الحق بالموت، ووجدتها في قراءة ابن مسعود كذلك. ﴿ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أنه كان يحيد من الموت، فجاءه الموت. الثاني: أنه يحيد من الحق، فجاءه الحق عند المعاينة. وفي معنى التحيد وجهان: أحدهما: أنه الفرار، قاله الضحاك. (الثاني): العدول، قاله السدي. ومنه قول الشاعر:
(ولقد قلت حين لم يك عنه | لي ولا للرجال عنه محيد.) |
فروى عاصم بن أبي بهدلة، عن أبي وائل، أن عائشة قالت عند أبيها وهو يقضي:
(لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى | إذا حشرجت يوماً، وضاق بها الصدر) |
فقال أبو بكر: (هلا قلت كما قال الله]: وَجَآءَتْ سَكْرَتُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}. قوله عز وجل:
﴿وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ أما السائق ففيه قولان: أحدهما: أنه ملك يسوقه إلى المحشر، قاله أبو هريرة وابن زيد. الثاني: أنه أمر من الله يسوقه إلى موضع الحساب، قاله الضحاك. وأما الشهيد ففيه أربعة أقاويل: أحدها: أنه ملك يشهد عليه بعمله، وهذا قول عثمان بن عفان والحسن. الثاني: أنه الإنسان، يشهد على نفسه بعمله، رواه أبو صالح.