﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: ما روى قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُتِيَ بِيَ إِلَى السَّمَاءِ فَرُفِعَ لَنَا الْبَيتُ المَعْمُورُ، فَإِذَا هُوَ حِيالُ الكَعْبَةِ، لَوْ خَرَّ خَرَّ عَلَيهَا، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَومٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنهُ لَمْ يَعُودُوا إِلَيهِ) قاله علي وابن عباس. الثاني: ما قاله السدي: أن البيت المعمور، هو بيت فوق ست سموات، ودون السابعة، يدعى الضراح، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك من قبيلة إبليس لا يرجعون إليه أبداً، وهو بحذاء البيت العتيق. الثالث: ما قاله الربيع بن أنس، أن البيت المعمور كان في الأرض في موضع الكعبة في زمان آدم، حتى إذا كان زمان نوح أمرهم أن يحجوا، فأبوا عليه وعصوه، فما طغى الماء رفع فجعل بحذائه في السماء الدنيا، فيعمره، فبوأ الله لإبراهيم الكعبة البيت الحرام حيث كان، قاله الله تعالى: ﴿وَإِِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيْمَ مَكَانَ الْبَيْتِ﴾ الآية. الرابع: ما قاله الحسن أن البيت المعمور هو البيت الحرام. وفي ﴿الْمَعْمُورِ﴾ وجهان: أحدهما: أنه معمور بالقصد إليه. الثاني: بالمقام عليه، قال الشاعر:
(عمر البيت عامر... إذ أتته جآذر)
(من ظباء روائح... وظباء تباكر)
وتأول سهل أنه القلب، عمارته إخلاصه، وهو بعيد. ﴿وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه السماء، قاله علي. الثاني: أنه العرش، قاله الربيع. ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه جهنم، رواه صفوان بن يعلى عن النبي صلى الله عليه وسلم. الثاني: هو بحر تحت العرش، رواه أبو صالح عن علي رضي الله عنه. الثالث: هو بحر الأرض، وهو الظاهر.


الصفحة التالية
Icon