﴿وَمآ أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِمِ مِّن شَيْءٍ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: ما نقصناهم، قاله ابن عباس، قال رؤبة:

(وليلة ذات سرى سريت ولم يلتني عن سراها ليت)
أي لم ينقصني، ومعنى الكلام: ولم ينقص الآباء بما أعطينا الأبناء. الثاني: معناه وما ظلمناهم، قاله ابن جبير، قال الحطيئة:
(أبلغ سراة بني سعد مغلغلة جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذباً)
أي لا ظلماً، ولا كذباً. ومعنى الكلام: لم نظلم الآباء بما أعطينا الأبناء، وإنما فعل تعالى ذلك بالأبناء كرمة للآباء. ﴿كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ فيه وجهان: أحدهما: مؤاخذة كما تؤخذ الحقوق من الرهون. الثاني: أنه يحبس، ومنه الرهن لاحتباسه بالحق قال الشاعر:
(وما كنت أخشى أن يكون رهينة لأحمر قبطي من القوم معتق)
﴿يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً﴾ أي، يتعاطون ويتساقون بأن يناول بضعهم بعضاً، وهو المؤمن وزوجاته وخدمه في الجنة. والكأس إناء مملوء من شراب وغيره فهو كأس، فإذا فرغ لم يسم كاساً، وشاهد التنازع والكأس في اللغة قول الأخطل:
(وشارب مربح بالكأس نادمني لا بالحضور ولا فيها بسوار)
(نازعته طيب الراح السمول وقد صاح الدجاج وحانت وقعه الساري.)
﴿لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ﴾ فيها أربعة أوجه: أحدها: لا باطل في الخمر ولا مأثم، قاله ابن عباس وقتادة، وإنما ذلك في الدنيا من الشيطان. الثاني: لا كذب فيها ولا خلف، قاله الضحاك. الثالث: لا يتسابون عليها ولا يؤثم بعضهم بعضاً، قاله مجاهد.


الصفحة التالية
Icon