عليّ ما جئتك به فعرض عليه، فقال: لم آتك أنا بهذا وهذا من الشيطان، فأنزل الله: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُوْلٍ وَلاَ نَبِّيٍ إلاَّ إذا تََمَنَّى ألْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾. ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى﴾ حيث جعلوا الملائكة بنات الله. ﴿تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: قسمة عوجاء، قاله مجاهد. الثاني: قسمة جائرة، قاله قتادة. الثالث: قسمة منقوصة، قاله سفيان وأكثر أهل اللغة، قال الشاعر:

(فإن تنأى عنا ننتقصك وإن تقم فقسمك مضئوز وأنفك راغم)
ومعنى مضئوز أي منقوص. الرابع: قسمة مخالفة، قاله ابن زيد. ﴿أَمْ لِلإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى﴾ فيه وجهان: أحدهما: من البنين أن يكونوا له دون البنات. الثاني: من النبوة أن تكون فيه دون غيره. ﴿فَلِلَّهِ الأخِرَةُ وَالأُولَى﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني أنه أقدر من خلقه، فلو جاز أن يكون له ولد - كما نسبه إليه المشركون حين جعلوا له البنات دون البنين وتعالى عن ذلك علواً كبيراً - لكان بالبنين أحق منهم. الثاني: أنه لا يعطي النبوة من تمناها، وإنما يعطيها من اختاره لها لأنه مالك السموات والأرض.
{إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ولله ما في السماوات وما في الأرض


الصفحة التالية
Icon