ويحتمل ثالثاً: أنهم الباقون معهم لا يبصرون عليهم ولا ينصرفون عنهم بخلافهم في الدنيا. ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ﴾ فيهما قولان: أحدهما: أن الأكواب: التي ليس لها عُرى، قاله الضحاك. الثاني: أن الأكواب: مدورة الأفواه، والأباريق: التي يغترف بها، قاله قتادة، قال الشاعر:
(فعدوا عليّ بقرقف... ينصب من أكوابها)
﴿وَكَأَسٍ مِّن مَّعِينٍ﴾ والكأس اسم للإناء إذا كان فيه شراب، والمعين الجاري من ماء أو خمر، غير أن المراد به في هذا الموضوع الخمر، وصف الخمر بأنه الجاري من عينه بغير عصر كالماء المعين. ﴿لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه لا يمنعون منها، قاله أبو حرزة يعقوب بن مجاهد. الثاني: لا يفرّقون عنها، حكاه ابن قتيبة، واستشهد عليه بقول الراجز:
٨٩ (صد عنه فانصدع.} ٩
الثالث: لا ينالهم من شربها وجع الرأس وهو الصداع، قاله ابن جبير، وقتادة، ومجاهد، والسدي. وفي قوله تعالى: ﴿وَلاَ يُنزِفُونَ﴾ أربعة أوجه: أحدها: لا تنزف عقولهم فيسكرون، قاله ابن زيد، وقتادة. الثاني: لا يملون، قاله عكرمة. الثالث: لا يتقيئون، قاله يحيى بن وثاب. الرابع: وهو تأويل من قرأ بكسر الزاي لا يفنى خمرهم، ومنه قول الأبيرد:
(لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم... لبئس الندامى أنتم آل أبجرا)
وروى الضحاك عن ابن عباس قال: في الخمر أربع خصال: السكر،