ويحتمل ثالثاً: أن يريد لا طيب ولا نافع. ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرفِينَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: منعمين، قاله ابن عباس. الثاني: مشركين، قاله السدي. ويحتمل وصفهم بالترف وجهين: أحدهما: التهاؤهم عن الإعتبار وشغلهم عن الإزدجار. الثاني: لأن عذاب المترف أشد ألماً. ﴿وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه الشرك بالله، قاله الحسن، والضحاك، وابن زيد. الثاني: الذنب العظيم الذي لا يتوبون منه، قاله قتادة، ومجاهد. الثالث: هو اليمين الموس، قاله الشعبي. ويحتمل رابعاً: أن يكون الحنث العظيم نقض العهد المحصن بالكفر. ﴿فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: أنها الأرض الرملة التي لا تروى بالماء، وهي هيام الأرض، قاله ابن عباس. الثاني: أنها الإبل التي يواصلها الهيام وهو داء يحدث عطشاً فلا تزال الإبل تشرب الماء حتى تموت، قاله عكرمة، والسدي، ومنه قول قيس بن الملوح:

(يقال به داء الهيام أصابه وقد علمت نفسي مكان شفائياً)
الثالث: أن الهيم الإبل الضوال لأنها تهيم في الأرض لا تجد ماءً فإذا وجدته فلا شيء أعظم منها شرباً. الرابع: أن شرب الهيم هو أن تمد الشرب مرة واحدة إلى أن تتنفس ثلاث مرات، قاله خالد بن معدان، فوصف شربهم الحميم بأنه كشرب الهيم لأنه أكثر شرباً فكان أزيد عذاباً. ﴿هَذَا نُزْلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾ أي طعامهم وشرابهم يوم الجزاء، يعني في جهنم.
{نحن خلقناكم فلولا تصدقون أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن


الصفحة التالية
Icon